الوصف:

من قلب الكفاح الدكتورة كيت برودريك تسعى لاحتواء فيروس الكورونا عبر الحمض النووي:

استيقظت الدكتورة كيت بروديريك(عالمة وراثة جزيئية) في وقت مبكر، وصبت كوباً من شاي الإفطار، وتصفحت هاتفها، وفي لحظة هدوء وحيدة قبل استيقاظ طفليها الصغيرين بحثت في مقال صحفي قصير لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) حيث أوضح ذلك المقال كيف أن مرضاً جديداً مجهول الهوية في الصين قد أودى بحياة عدة أشخاص، كانت بروديريكمذهولة،ولكن سرعان ما تحول هذا الفضول إلى قلق مع ظهور مئات الحالات الجديدة خلال الأسبوع المقبل، وانتشر الذعر في جميع أنحاء العالم بنفس السرعة. وهكذادعت برودريك لعقد اجتماع مع فريقها البحثي في ​​شركةInovio، وهي شركة أدوية في سان دييغو معروفة بتطوير لقاحات متلازمة الشرق الأوسط التنفسية(MERS) وحمى لاسا.هذه العدوى الغامضة في الخارج كانت مثيرة للقلق، وقد اتفقوا جميعاً، ولكن على ماذا؟

"هذا سباق مع الزمن والأمر يزداد خطورة ".

لقد كان ذلك قبل شهر واحد,منذ ذلك الحين أطلق على الفيروس اسم كورونا نسبة للمسامير التي تشبه التاج على سطح الفيروس،وأعلنت منظمة الصحة العالمية بأن هذا المرض يشكل حالة طارئة وصعبة ويثير حالة من القلق والخوف الدوليين. ما لبث بعدها وقتاً طويلاً حتى تفشى فيووهان، عاصمة مقاطعة هوبى، وهو الآن على وشك أن يصبح وباءً عالمياً، فقد أصاب أكثر من 40,500 شخص في آسيا،وقتل ما لا يقل عن 900شخص.

وبهذا بدأتبروديريك العمل على لقاح باستخدام نوع جديد نسبياً من تكنولوجيا الحمض النووي، وذلك عندما تم إطلاق الشفرة الوراثية للفيروس في 9 يناير.حصلأنذاك فريقها فيInovioعلى منحة بحثية بقيمة 9 ملايين دولار من ائتلاف ابتكارات التأهب للأوبئة (Coalition for Epidemic Preparedness Innovations )، وهي منظمة يدعمها بيل وميليندا غيتس تدعم تطوير لقاحات ضد الأمراض المعدية الناشئة.تقول بروديريك (42 عاما) لـموقع ELLE.com :" هذا سباق مع الزمن،وإنه خطير للغاية وأي شيء يمكننا القيام به للمساعدة نحن على أتم الجاهزية للقيام به إنه لشرف كبير أن نكون قادرين على المساهمة في حل لموقف مثل هذا ".

كما قالتبروديريك إن اللقاحات التقليدية قد تستغرق سنوات لتصنيعها، ولكن الأدوية التي تعتمد على الجينات - مثل تلك التي يعمل عليهاInovio- يتم تطويرها في أشهر قليلة وبكميات أكبر بكثير.فمثلا كانت قادرة على تصميم دواء الحمض النووي في أقل من ثلاث ساعات فقط بمجرد نشر السلطات الصينية للتسلسل الجيني الخاص بفيروس الكورونا عبر الانترنت. أما الأنبدأت برودريكفي اختبارات ما قبل السريرية على الحيوانات.وعندما تحصل على موافقة إدارة الأغذية والعقاقير (FDA)، فسوف يمضي فريقها قدما في إجراء الاختبارات السريرية على البشر.

لم يتمكن متحدث باسم إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) من التعليق بشكل محدد علىInovio، لكنه وجه لموقع ELLE.com هذا البيان من مفوض إدارة الأغذية والعقاقير ستيفن هان: "لدينا مهمة حيوية لحماية وتعزيز الصحة العامة وتتعاون إدارة الأغذية والعقاقير عن كثب مع الصحة العامة المحلية والدولية شركاء لتخفيف تأثير فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في ووهانفي الصين. إننا نعمل بنشاط على الاستفادة من مجموعة واسعة من خبرات إدارة الأغذية والعقاقير(FDA) وبدأنا في توظيف مجموعة كاملة من سلطات الصحة العامة لدينا لتسهيل تطوير وتوافر المنتجات الطبية الاستقصائية للمساعدة في معالجة هذا الوضع العاجل للصحة العامة".

"هذا غير مسبوق حقا."

تقول بروديريك إنه بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) يمكن لـInovioاختبار اللقاح على الأشخاص في الصين الذين قد تعرضوا للإصابةبالفيروس، وهي تأمل أن تبدأ هذه التجارب السريرية بحلول يونيو، وتقول: "هذا أمر غير مسبوق حقًا من منظور جدول زمني. أحياناً قد تمر شهور وحتى سنوات قبل الحصول على التسلسل الجيني لأي فيروس ومثال على ذلك السارس (الفيروس الشبيه بالالتهاب الرئوي الذي ظهر في الصين عام 2002)،وهذا يعني خسارة شهور وسنوات لتطوير اللقاح لذلك فإن الوصول إلى التسلسل الجيني بهذه السرعة أمر بالغ الأهمية".

ووفقا لقناة الجزيرة فإن الجهود المبذولة لمكافحة فيروس الكورونا تعتبر أسرع استجابة في التاريخ الحديث،فقد استغرق الأمر 20 شهراً للباحثين لتطوير لقاح لمرض السارس في عام 2002، وعندما انتشر وباء حمى زيكا على نطاق واسع إلى أجزاء من أمريكا الجنوبية والشمالية في عام 2015، استغرق الأمر سبعة أشهر بعد تلقي تسلسل الفيروس لعلاج المرضى في عيادة. بينماتعتقد بروديريك أنها تستطيع تطوير لقاح ضد فيروس كورونا في غضون بضعة أشهر فقط، وانتشار المرض أدى لتحول سريع في حياة العالمة بروديريك التي تبدأ صباحها الساعة الرابعة مع نصف ساعة من اليوغا مع أدريين، و بينمازوجها ستيف يُحضر الإفطار للعائلة، وبعدها يوصل أولادهما روري ذي السبع سنوات وايسلا ذات الأربع سنوات للمدرسة. وبعد الإفطار تتحقق من عدد الحالات المؤكدة لفيروس كورونا ومعدلات الوفيات، وكلاهما يتزايد بثبات.ثم تناقش استراتيجية البحث مع فريقها، وتزور مختبراتها، وتجري مكالمات هاتفية مع المستثمرين.

وأيضا حصل تعاون من الشريك الرئيسي لشركةInovioوهو CEPI   مع جامعة كوينزلاند وشركةModerna Inc. والمعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، ومنحواInovioمنحة تصل إلى 9 ملايين دولار لتطوير لقاح، ولكن تقولبروديريكأن هذا المبلغ لن يلبي حاجاتهم خلال فترة العثور على اللقاح وتطويره وأنهم بحاجة لتمويل إضافي.

وقال الدكتور ريتشارد هاتشيت الرئيس التنفيذي لشركة CEPI في بيان "لا توجد ضمانات للنجاح، لكننا نأمل أن يوفر هذا العمل خطوة مهمة وهامة إلى الأمام في تطوير لقاح لهذا المرض. إن طموحنا في هذه التقنيات هو إحضار عوامل مرضية جديدة من تسلسل الجينات لإخضاعها لمجموعة من الاختبارات السريرية في 16 أسبوعًا – وهو وقت أقصر بكثير مما نحن عليه الآن."

وبعد انتهاء العمل تقوم برودريك بإعادة الطفلين روري وإيسلا إلى البيت وتُحضر لهم العشاء وبعدها تقوم بغسل أولادها وتقرأ لهم قصص ما قبل النوم،وبمجرد أن يناموا تعود إلى المكتب،وتقول: "لا أريدهم أن يعانوا لمجرد ما يحدث في العمل،فعندما كنا نصمم اللقاح لم أحصل على أكثر من ساعتين من النوم في الليلة،ولكن في الليلة الماضية كان عليّ الحصول على حوالي أربع ساعاتلذلك أنا أفضل".

وفقًا لـ Biocentury، فإن إطلاق التسلسل الجيني كان بمثابة "طلقة مسدس البداية لينطلق سباق لتطوير تدابير طبية مضادة"،بحيثأن ما لا يقل عن 12 شركة أخرى من شركات الأدوية البيولوجية ومنشآت البحث الأكاديمي في كل من الصين والولايات المتحدة قد أطلقت خططًا لتطوير لقاحات بما في ذلك شركة الأدوية الكبرى Johnson & Johnson.

الدكتور أميش أداليا وهو طبيب الأمراض المعدية وكبير الباحثين في مركز جون هوبكنز للأمن الصحي أطلعELLE.com  أن هناك الكثير من العوائق لكبرى شركات الأدوية للتورط في  إنتاج لقاحات الفيروسات، بحيثيقول أداليا "هذه الشركات ستتكلف كثيرا من الموارد وعليها تحويل الموارد في المنتجات إلى مربحة للغاية لتطوير لقاحات مضادة، وفي تفشي الأمراض المعدية الناشئة ، لا نعرف حجم السوق ، ولا نعرف عدد الأشخاص الذين سوف يصابون ، ونحن لا نعرف كم من الوقت سيستمر. قد يختفي بحلول الوقت الذي يتم فيه تطوير اللقاح، تتحول تلك الأسباب إلى درجة كبيرة من عدم اليقين بالنسبة لشركة قد لا ترغب في الاستثمار في لقاحات ناشئة عن تفشي الأمراض المعدية، وذلك لأنها سوق مختلفة عن سوق المنتجات الطبية المعتادة". حيث أشار الدكتور إلى أن رد الصحافة سيكون قاسيا وخاصة عندما تقوم شركة أدوية كبيرة بإنتاج لقاحات مثلما حدث في عام 2017 عندما صاغ السيناتور بيرنيساندرز مقالا نشرته صحيفة نيويورك تايمز ينتقد فيه بشدة شركة الأدوية الفرنسية سانوفي (Sanofi) التي حصرت لقاح زيكا بالجيش الأمريكي بينما أكد أداليا قائلا:" إن الشركات الأصغر مثلInovio، لديها حافز أكبر للعمل على اللقاحات "لإظهار قدراتها في حالة تفشي المرض"،وكما يعتقد أن مهمة CEPI لدفع تطوير اللقاحات كأولوية عالمية رئيسية هي أفضل نموذج لمحاربة الأوبئة المستجدة والناشئة في بعض الوقت.

"نأمل أن يتم توسيع نموذج CEPI ، ويمكننا أن نشجع المزيد من شركات الأدوية الكبرى على المشاركة"، كما يقول:"لديهم بعض الخبرة التي لا يمتلكها أي شخص آخر ، لأنهم يصنعون اللقاحات بمقاييس وجودة عالية جدًا ، ويمكنهم التوزيع من التجارب السريرية على طول ذراع شخص ما. لديهم خط أنابيب للقيام بذلك ويفعلون ذلك حقًا."

تعتقد بروديريك أنه من الأهمية بمكان أن يتحد المجتمع العلمي بأسره ويعمل من أجل التوصل إلى حل لمكافحة فيروس كورونا.وتقول: "إذا انفصلنا جميعًا ونفعل الشيء الخاص بنا، فقد نصل إلى هناك في النهاية، لكن الأمر سيستغرق وقتًا أطول بكثير، ولقد كان من المشجع حقًا أن نرى العلماء يشاركون المعلومات والأدوات في هذه المعركة".

اضغط هنا لتحميل الملف